الإسلام هو الإيمان
وقال البغوي في شرح السنة، على حديث جبريل، وفيه ذكر الإسلام والإيمان، فقال: إن النبي ﷺ جعل الإسلام اسمًا لما ظهر من الأعمال. وجعل الإيمان اسمًا لما بطن من الاعتقاد. وليس ذلك؛ لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو أن التصديق بالقلب ليس من الإسلام، وإنما ذلك تفصيل للجملة، وإلا فهي شيء واحد، وجماعها الدين. انتهى.
وحكى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب الإيمان عن محمد بن نصر المروزي أنه قال: إن الإسلام هو الإيمان وإن المؤمنين هم المسلمون. وهذا نصه: قال محمد بن نصر المروزي: قالت طائفة من العلماء -وهم الجمهور الأعظم من أهل السنّة والجماعة، وأصحاب الحديث-: إن الإيمان الذي دعا الله العباد إليه، وافترضه عليهم، وارتضاه لهم دينًا، هو الإسلام الذي جعله الله دينًا، وارتضاه لعباده، قال: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗا﴾ [المائدة: 3]. وقال: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُ﴾ [آل عمران: 19]. وقال: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٨٥﴾ [آل عمران: 85]. وهو ضد الكفر الذي سخطه، وجعله محبطًا لسائر الأعمال الصالحات، فقال: ﴿وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَ﴾ [الزمر: 7]. وقال: ﴿فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ﴾ [الأنعام: 125]. وقال: ﴿أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦ﴾ [الزمر: 22]. فمدح الله الإسلام، بمثل ما مدح به الإيمان... ثم قال: ألا ترى أن أنبياء الله ورسله ترغبوا إليه وسألوه إياه.
فقال إبراهيم وإسماعيل: ﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ١٢٨﴾ [البقرة: 128]. وقال يوسف: ﴿أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ ١٠١﴾ [يوسف: 101].
وقال: ﴿وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٣٢﴾ [البقرة: 132].
وقال: ﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ١٣٦﴾ [البقرة: 136].
وقال: ﴿قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ٨٤﴾ [آل عمران: 84].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في تعقيبه على هذا الكلام، قلت: مقصود محمد بن نصر -رحمه الله- أن المسلم الممدوح، هو المؤمن الممدوح، وأن كل مؤمن فهو مسلم، فلا بد أن يكون معه إيمان. وهذا صحيح. وهو متفق عليه. انتهـى ص 190 من كتاب الإيمان.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان / " انقلاب الإيمان نورًا لأهله يوم القيامة " - المجلد (1)