الآية: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ﴾ نزلت بعد الأمر بالقتال

قول القائل: إن هذه (يعني قوله تعالى ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ﴾) كانت قبل الأمر بالقتال. يحتاج إلى بيان ذلك، ثم إلى بيان أن الأمر بالقتال يوجب نسخها، وكلاهما منتف، كيف وقد عرف أن هذا غلط! فإن سورة البقرة مدنية كلها، وفيها غير آية تأمر بالجهاد، وفيها: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ﴾ [البقرة: 216]. فكيف يقال: إنها قبل الأمر بالقتال؟! ثم سبب نزول الآية يدل على أن هذا كان بعد الأمر بالجهاد بمدة. وقد ذكروا في سبب نزولها أربعة أقوال، كلها تدل على ذلك، فأشهرها ما قاله ابن عباس وغيره، قالوا: إن المرأة من الأنصار كانت تكون مقلاة - لا يعيش له ولد - فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه؛ لأن اليهود كان لهم كتاب بخلاف المشركين، فكانوا أقرب إلى العلم والدين منهم. فلما أجليت بنو النضير كان فيهم أناس من أبناء الأنصار، فقال الأنصار: يا رسول الله، أبناؤنا. فنزلت هذه الآية. ثم ذكر عن الشعبي ومجاهد وغيرهما نحو ذلك، ثم قال: والمملوك المسترق لا يكره على الإسلام بالاتفاق، وإذا لم يجز إقرار المشركين بالجزية ففي جواز استرقاقهم قولان، هما روايتان عن أحمد.
مجموع رسائل الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله | رسالة "الجهاد المشروع في الإسلام"/ "قاعدة في قتال الكفار.. لشيخ الإسلام ابن تيمية"