ظاهر مذهب الشافعية أن ما عدا الدعاء والاستغفار والصدقة والحج الواجب، لا يصل إلى الـميت ثوابه
ثم قال الشيخ عبد العزيز بن رشيد:
إني لا أظن أن أحدًا ينكر وصول ثواب الأعمال إلى الـموتى وهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع، قال: ذكر معناه ابن القيم ولم يقل بهذا إلا أهل البدع، ولهذا ذُكِرت هذه الـمسألة في كتب العقائد، لبيان الاعتقاد الصحيح والتنفير مما عليه أهل البدع.
فالجواب: إن أفضل الكلام ما جلى الحقائق وهدى لأقوم الطرائق، وفضيلة الشيخ قد اعتاد إلقاء مثل هذه الجملة على سبيل الخرص والجزاف، غير موزونة بميزان الصحة والإنصاف، لأنه قد صرف جل عقله وعمله وفهمه على التفقه في مذهبه، ولم يتوسع عنه إلى النظر في غيره، فظن أن إهداء الأعمال إلى الـموتى من الأضحية وغيرها أنه من الأمر الـمجمع عليه عند علماء الإسلام. وأن من قال بخلاف ذلك، فإنه مبتدع، كما تراه مصرّحًا به في قوله، ولو حقق فيما قال النظر بإمعان وتفكر، لعلم أنها مسألة خلافية ليست إجماعية، وحتى فقهاء الحنابلة في كتبهم الـمشهورة يذكرون خلاف العلماء فيها، قال في الـمغني: إن الظاهر من مذهب الشافعية، أن ما عدا الدعاء والاستغفار والصدقة والحج الواجب، لا يصل إلى الـميت ثوابه لعدم ما يدل على مشروعيته، وحكاه ابن كثير في التفسير مؤيدًا له، أفيرى فضيلة الشيخ أن الشافعي ومن اتبعه في قولهم بهذا يعدون مبتدعة، وحتى شارح الإقناع حكى عن الأكثرين بأنه لا يصل إلى الـميت ثواب القراءة، وأن ذلك لفاعله لقول الله تعالى: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾ [النجم: 39]. وقوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡ﴾ [البقرة: 286].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)