من عادة صاحب المقالة أن يحتج بالمنسوخ الذي زال حكمه وبطل العمل به
ومثله الحديث الذي احتج به صاحب المقالة عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو في الصحيحين قال: كنا نغزو مع رسول الله ﷺ ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله ألا نختصي؟. فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ ابن مسعود: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ٨٧﴾ [المائدة: 87].
إن من عادة صاحب المقالة أن يحتج بالمنسوخ الذي زال حكمه وبطل العمل به ويترك الناسخ المحكم الذي يجب العمل به والحكم بموجبه.
ونحن لا ننكر إباحة متعة النساء في أول الإسلام على حسب حالتهم في الجاهلية وكونهم يستأجرون المرأة في أسفارهم الطويلة بالثوب وبالقبضة من التمر وبالقبضة من الدقيق، فابن مسعود وجابر - على فرض صحة حديثيهما - يتحدثان عن حالتيهما في الجاهلية قبل تحريمها، كما يتحدث الصحابة عن شربهم الخمر قبل أن تحرم عليهم، وكما يتحدثون عن صلاتهم إلى المشرق قبل أن يحولوا إلى جهة الكعبة، وكما يتحدثون عن كون أحدهم يكلم صاحبه بحاجته وهو في صلاته زمن النبي ﷺ حتى أنزل الله ﴿وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨﴾ أي: ساكتين. فقال لهم النبي ﷺ: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء. وإن مما أحدث من أمره ألا تتكلموا في الصلاة».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " بطلان نكاح المتعة بمقتضى الدلائل من الكتاب والسنة " || المجلد (2)