مفاخرة وفد تميم للنبي صلى الله عليه وسلم وإجازته لهم

وقد أثاب (النبي صلى الله عليه وسلم) وفد بني تميم حين قدموا عليه وفيهم شعراؤهم ومنهم عطارد بن حاجب التميمي في أشراف من بني تميم، جاؤوا في أسرى بني تميم الذين أخذتهم سرية عيينة بن حصن الفزاريّ فقالوا: جئنا لنفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا. قال: «أذنت لخطيبكم»، فقام عطارد فخطب فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن شماس: «قم فأجب الرجل»، فقام ثابت فخطب وأجابه، وقام الزبرقان بن بدر فقال: نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الـملوك وفينا تنصب البيع وكم قسـرنا من الأجياد كلهمُ عند النهاب وفضل العز يُتبع ونحن يُطعم عند القحط مَطعَمُنا من الشواء إذا لم يؤنس القزع إلى أن قال: إنا أبينا ولم يأب لنا أحد إنا كذلك عند الفخر نرتفع في أبيات ذكرها، فقال رسول الله ﷺ لحسان بن ثابت: «قم فأجب الرجل»، فقام، فقال على البديهة: إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بينوا سننًا للناس تتّبع يرضى بها كلُّ من كانت سريرته تقوى الإله وكل الخير يُصطنع قوم إذا حاربوا ضرُّوا عدوهمو أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع إن كان في الناس سباقون بعدهمو فكل سبق لأدنى سبقهم تبع إلى أن قال: لا يفخرون إذا نالوا عدوهمو وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع فلما فرغ حسان قال الأقرع بن حابس: إن هذا الرجل لخطيبُه أخطب من خطيبنا، ولشاعرُه أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أحلى من أصواتنا. فلما فرغ القوم أسلموا، وجوّزهم رسول الله ﷺ فأحسن جوائزهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الغناء وما عسى أن يقال فيه من الحظر أو الإباحة " / [سؤال عن قول عمر رضي الله عنه: الغناء زاد المسافر. والجواب عنه] - المجلد (5)