تهيؤ هوازن وثقيف وسعد بن بكر ومن معهم للانتقام من المسلمين لما فتحوا مكة
وقد عقدنا لوقعة هوازن فصلاً مستقلاً وذكرنا فيه سبب هذه الغزوة التي أنزل الله في شأنها: ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ٢٥ ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [التوبة: 25-26].
وقد ذكر ابن إسحاق وغيره أنه لما فتح الله مكة على رسوله والمؤمنين وسمعت هوازن بذلك فشرقوا بهذا الفتح حنقًا وبغضًا للرسول وأصحابه وولاء ومحبة منهم لقريش، فعزموا على أن ينتقموا من الرسول وأصحابه، فجمعهم ملكهم مالك بن عوف النضري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها على بكرة أبيها، واجتمع إليه نضر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال وكثير من شتى القبائل ومن عرب الحجاز ونجد ومعه يومئذ دريد بن الصمة وهو كبير يُحْمل في هودج ليأخذ من رأيه حيث إنه مجرب في الحروب، فزحفوا بجمعهم من عوالي نجد بأهلهم وعيالهم وأموالهم لقصد الحفيظة حتى لا يفروا عن القتال، ونزلوا بعسفان بين مكة والطائف ليفاجأ الرسول وأصحابه بالهجوم عليهم من قريب لظنه أن أهل مكة المغلوبين سيكونون عونًا له على القتال معه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / " المقدمة" - المجلد (3)