في الشريعة ما يخرج من هذه الشدة والمشقة التي يعانيها الناس عند الجمار

أما الاستدلال بحديث: «خذوا عني مناسككم»، وأن الرمي بعد الزوال هو من المناسك التي فعلها النبي ﷺ والتي أمر أن تؤخذ عنه. فالجواب: أن هذه كلمة جامعة، فإن المناسك التي نسكها رسول الله ﷺ والتي أمر أن تؤخذ عنه تشمل الواجبات والمستحبات مثل الاغتسال للإحرام، والتلبية، والاضطباع في الطواف، والرمل، وتقبيل الحجر، وصلاة ركعتي الطواف، وغير ذلك من العبادات التي نسكها رسول الله في حجه وهي من المستحبات، وكل من عرف قواعد الشريعة وأصولها المعتبرة وما تشتمل عليه من الحكمة والمصلحة والرحمة ومنافاتها للحرج والمشقة؛ عرف حينئذ تمام المعرفة أن في الشريعة السمحة ما يخرج الناس عن هذه الشدة والمشقة التي يعانيها الناس عند الجمار؛ لأن الدين عدل الله في أرضه ورحمته لعباده، لم يشرعه إلا لسعادة البشر في أمورهم الروحية والجسدية والاجتماعية، ومن قواعده أنه إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير. قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ [الحج: 78] ، وقال: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)