عدم الاستطاعة يسقط أصل الحج فما بالك بفرعه
الله سبحانه إنما أوجب فرض الحج على المستطيع، وقد نص الفقهاء على سقوطه بظن حصول الضرر على نفسه، أو أهله، أو ماله، فإذا كان هذا السقوط في أصل الحج فما بالك بفرعه، ولأن العبادات كلها ما قدر عليه منها فعله وما أعجزه سقط عنه، وهذه قاعدة مطردة في سائر الشرائع الدينية تعرف بالتتبع والاستقراء؛ ولهذا تجب الصلاة بحسب الإمكان، وما عجز عنه من شروطها وواجباتها سقط عنه. على أن شروط الصلاة وواجباتها آكدُ من شروط الحج وواجباته، فإنه لو ترك شيئًا من واجبات الصلاة عمدًا بطلت صلاته، بخلاف لو ترك شيئًا من واجبات الحج عمدًا، فإنه لا يبطل بذلك حجه ويجبره بدم.
وأما الاستدلال على وجوب الاستنابة بحديث جابر قال: حججنا مع رسول الله ﷺ ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم. رواه أحمد وابن ماجه، فهذا لا يدل على الوجوب قطعًا، فإن أصل الحج لا يجب على الصبي وكذلك فرعه، ولأن التلبية عنهم ليست بواجبة وكذلك الرمي، وغاية الأمر أن يقال: إن استنابة المعذور من يرمي عنه أحوط خروجًا من خلاف من قال بوجوبه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)