اختلاف العلماء في العاجز، هل عليه الاستنابة أو يسقط عنه الرمي بالكلية
اختلف العلماء في المعذور مثل المريض الذي لا يستطيع الرمي والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وكل من لا يستطيع الوصول إلى الجمار: هل يسقط عنه الرمي سقوطًا كليًّا أم يجب عليه أن يستنيب من يرمي عنه؟ فعند الفقهاء من الحنابلة والشافعية أنه يجب عليه أن يستنيب من يرمي عنه كالمعضوب، فإن لم يفعل فعليه دم، وبنوا على ذلك كون العذر في المبيت يسقط الإثم والدم، والعذر في الرمي يسقط الإثم دون الدم، وهذا تفريق بين متماثلين لا يقتضيه النص ولا يوافقه القياس، فإن النبي ﷺ لم يأمر العباس في أن يستنيب من يرمي عنه، ولم يأمر الحائض في أن تستنيب من يطوف عنها طواف الوداع، وهو معدود من الواجبات.
على أن الاستنابة في كلا الأمرين ممكنة؛ يؤكده أن ما تُرك من الواجبات للعذر وعدم القدرة على الفعل، فإنه بمنزلة المأتي به في عدم الإثم، ولأن الدم إنما يجب في ترك المأمور وفعل المحظور بالاختيار، وهذا لم يترك مأمورًا ولم يفعل محظورًا باختياره، وإنما تركه عجزًا، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وفي الحديث: أن النبي ﷺ قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)