دعوى أنه لا اجتهاد لأحد في نقل الـمقام عن حالة ما كان عليه زمن النبي ﷺ تشدد بعيد عن مقاصد الدين
فدعوى صاحب النقض (يعني ابن حمدان) أنه لا اجتهاد لأحد في نقل الـمقام عن حالة ما كان عليه زمن النبي ﷺ لا لعمر ولا غيره لزعمه بأن استدامة بقائه في محله تشريع وتوقيف، فكل هذا يعد من التشديد البعيد عن مقاصد الدين، فقد ألحق بالشرع ما ليس منه ولا هو في معنى الـمنصوص عليه، فاعتقاد ما ليس بشرع أنه شرع يعد من تغيير الكلم عن مواضعه ومن تبديل الشريعة بغيرها، كما لو اعتقد ما ليس بفرض أنه فرض ثم عمل على حسب اعتقاده.
فإن كان محقًّا فيما يدعي من أن استدامة بقائه في محله الآن هو من الشرع اللازم والحكم التوقيفي الدائم الذي لا يجوز تغييره ولا تحويله فليأتنا بآية أو حديث تثبت صحة ذلك، وكأنه بهذا الكلام قد جعله بمثابة الكعبة البيت الحرام الذي بوأ الله مكانه لخليله إبراهيم (عليه السلام) وقال تعالى: ﴿وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَٰهِيمَ مَكَانَ ٱلۡبَيۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِي شَيۡٔٗا وَطَهِّرۡ بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ٢٦﴾ [الحج: 26]. فهذا هو الشرع اللازم الذي لا يجوز تحويله إلى غيره.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الخامس عشر - المجلد (5)