أسبقية الصحابة في تنظيم البلدان وتخطيط الطرق

وقبل هذا (يعني تأسيس الكوفة) بسنتين أي عام 15 هجريًّا أرسل عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان لتخطيط البصرة، وأرسل معه عبد الرحمن بن أبي بكرة، وزياد بن أبيه، وأمره أن يخططها، فعمل تخطيطها، وكانت أرضًا ذات حجارة غليظة، فأجرى التخطيط فيها على نحو ذلك، وكان أول من غرس فيها النخل عبد الرحمن بن أبي بكرة ولم يسبقه إلى ذلك أحد، ذكره صاحب معجم البلدان. فهذا مشروع عمل الصحابة في تنظيم البلدان وتخطيط الطرق قبل أن يوجد في زمنهم شيء من القطارات أو السيارات أو الآلات الضخمة، كما يوجد في هذا الزمان، لكنهم ينظرون برأي الحزم وفعل أولي العزم إلى ما عسى أن يقع بعد ألف عام كنظرهم إلى وقت الآن؛ لعلمهم أن للإسلام الاعتناء التام بتنظيم البلدان وفتح الطرق الواسعة وتنظيفها، إلى حالة أن إماطة الأذى عن الطريق يعد من شعب الإيمان، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، والله جميل يحب الجمال، طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، فنظفوا أفنيتكم. أي طرقكم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " - المجلد (4)