كان للخلفاء الراشدين والصحابة المهديين السبق في تخطيط المدن وتوسيع الطرق

ولقد كان لسلفنا الصالح من الخلفاء الراشدين والصحابة المهديين الحظ الوافر والسبق الطائل إلى هذا الشأن (يعني تخطيط الطرق وتوسعتها)، فقاموا بتنظيمه أتم قيام . من ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمّا عزم على تخطيط الكوفة وكان سببها على ما ذكر ابن جرير في التاريخ ج 4 ص189، أن المسلمين لمّا فتحوا المدائن وسكنوها استوخموها، فنحفت أجسامهم وتغيرت ألوانهم وكبرت بطونهم وآذاهم الغبار والذباب، فكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إليه عمر وقال: إن العرب لا يصلح لهم المكان إلا ما صلح للبعير والشاء، فارتد لهم منزلاً بريًّا بحريًّا ليس بيني وبينكم بحر ولا جسر. فبعث سعد حذيفة وسلمان بن زياد يرتادان للمسلمين منزلا مناسبًا، فمرا على أرض الكوفة وهي حصباءُ في رملة حمراء فأعجبتهما وكتبا إلى سعد يخبرانه بذلك، فسار إليها سعد بنفسه في أول شهر المحرم سنة سبع عشرة من الهجرة فنظر إليها فأعجبته، فكان أول ما بدأ به تأسيس المسجد، وأمر سعد رجلاً راميًا شديد الرمي فرمى من المسجد إلى أربع الجهات، وحيث سقط سهمه بنى الناس منازلهم، وأذن لهم سعد بأن يعمروا بيوتهم ويدعوا للطريق المنهج سعة أربعين ذراعًا، وللطريق الذي دون ذلك ثلاثين ذراعًا، وللطريق الصغير عشرين ذراعًا، وللأزقة سبعة أذرع، والقطائع أي الأراضي التي تجعل بيوتًا ستين ذراعًا، وجعل المسجد مائتي ذراع. وذكر ابن كثير في البداية والنهاية نحو ذلك.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " - المجلد (4)