تنظيم البلدان بالعدل وتنظيفها عن الظلم هو أكبر ما يهتم به الإسلام

وإن تنظيم البلدان بالعدل وتنظيفها عن الظلم هو أكبر ما يهتم به الإسلام ويوصي به الخاص والعام، لكون الظلم والعدوان مؤذنًا بخراب العمران ونفرة السكان؛ لأنه متى حصل على الناس الاعتداء في أموالهم بأخذها وعدم أداء ثمنها، فإنهم بذلك تضعف آمالهم وتنقبض أيديهم عن السعي والكسب وجلب الحاجات والتوسع في التجارات، لعدم الثقة وضعف الأمل في الوفاء بالعقد، فيكسد السوق من أجل ذلك؛ لأن استقرار العمران ووفرة السكان ونفاق أسواق البلدان إنما هو بالثقة والأمانة والاطمئنان، وعمل الوسائل في تسهيل موارد الثروة والتجارة ومصادرها، والمسلم إذا دخل مع صاحبه في عقد بيع وشراء عرف أنه قد دخل معه في عهد وأمانة، والله يأمر بالوفاء بالعقود وأداء الأمانات إلى أهلها، كما في الصحيح عن حذيفة بن اليمان أنه قال: لقد مضى علي زمان لا أبالي أي الناس بايعت؛ إن كان مسلمًا رد مالي إلى دينه - أي ثمن ما يشتريه - وإن كان يهوديًّا أو نصرانيًّا رده إلي ساعيه. أي السلطان عليه، وذلك لوجود الثقة والأمانة وقوة الوازع، ومتى فقدت الثقة والأمانة من البلد كسدت أسواقها وانتقضت أحوالها وآذنت بخرابها ولو بعد حين.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " - المجلد (4)