من تدبر أوقاف الصحابة والوصايا الصادرة منهم لن يجد فيها ذكرًا للأضحية لكونها غير معروفة عندهم
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِى صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن ورواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي.
فكل هذه النصوص تتضافر وتتفق على فعل الصدقة وفضلها وعموم نفعها ووصول ثوابها إلى الـميت، بحيث لم يبق مجال لقائل في خلاف ذلك، وكل من تدبر أوقاف الصحابة والوصايا الصادرة منهم والتي يرجون برها وذخرها عند ربهم، لن يجد فيها ذكرًا للأضحية لكونها غير معروفة عندهم ولا معمول بها ولا يمكن أن يقال إنها سنة فجهلوها ولا أنهم علموها فأهملوا العمل بها، كل هذا يعد من الأمر الـمستحيل في حقهم، وإنما الصحيح أنهم عرفوا عدم مشروعيتها، فأعرضوا عن العمل بها، فتركهم لها يعد من الإجماع الذي هو قطعي الدلالة، وهذا واضح جلي لا مجال للشك في مثله، وإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلته وأسفر صبحه فذاك شرع الله ودينه والسبيل الـموصل إلى رضاه والفوز بجنته.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / فصل [في أقضية رسول الله ﷺ في أفضل ما يفعله الحي لميته] - الحكم السابع - المجلد 5