المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا... »
وأما قول النبي ﷺ: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء» وقد اتخذ بعض الناس هذا الحديث بمثابة التحذير للأمم والتخذيل للهمم بحيث يجعلونه بمثابة العذر لهم عن القيام بما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولأئمة المسلمين، حتى كأن الرسول بزعمهم قصد بهذا الحديث الاستسلام لهذا الضعف في المسلمين والغربة للدين وحتى لا يسعى أحد منهم بحوله وبجهده وجهاده لدفع هذا الضعف أو رفعه وهذا خطأ واضح لفهم الحديث.
فإن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما قصد به التمسك بالدين وعدم الاغترار بضعف العمل به في آخر الزمان فقد قال: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء». قالوا: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس»، وفي رواية: «يصلحون ما أفسد الناس».
فمثله في قوله هذا كمثل خريت الأسفار يخبر قومه بمفاوز الأقطار ومواضع الأخطار ليتأهبوا بالحزم وفعل أولي العزم عن وسائل التعويق ويحترسوا بالدفع لقطاع الطريق، وقد ثبت في الصحيح أنه «لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة» .
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة التفاضل في الميراث بين الذكور والإناث " - المجلد 4