الإسلام والإيمان في الشخص جزء لا يتجزأ

والمقصود أن الإسلام والإيمان أنهما في الشخص جزء لا يتجزأ، أشبه الروح والجسد، فلا إسلام لمن لا إيمان له، ولا إيمان لمن لا إسلام له. وقد قال أبو طالب المكي: مثل الإسلام من الإيمان كمثل الشهادتين، إحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم. فلو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ولا أشهد أن محمدًا رسول الله؛ لم يصح إسلامه، ولو قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ولا أشهد أن لا إله إلا الله لم يصح إسلامه أيضًا. إذ إحداهما مرتبطة بالأخرى كشيء واحد. وأما تفرقة النبي ﷺ في حديث جبريل بين الإسلام والإيمان، فإن ذلك تفصيل لوظائف أعمال الجوارح والقلوب، على ما توجبه هذه المعاني على كل شخص. فحرف الواو المتوسطة بين الإسلام والإيمان، هو حرف عطف صفات تتفق في موصوف واحد بدون اختلاف وتضاد، فليس فيها دليل على أن الإيمان والإسلام مختلفان في الحكم، إذ إن الإيمان بالقلب لا ينفع إلا بالإسلام بالجوارح، وإسلام الجوارح لا ينفع إلا بالإيمان بالقلب، أشبه الرأس والقلب، فلا يوجد شخص برأس دون قلب، ولا بقلب دون رأس. فهذه الواو المتوسطة بين الإسلام والإيمان في حديث جبريل، وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ﴾ [الأحزاب: 35]. هي نظير الواو في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ ٧﴾ [البينة: 7].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان [حقيقة الإسلام والإيمان] - المجلد (1)