الإيمان هو اعتقاد وعمل

حديث جبريل في صفة الإسلام، ثم صفة الإيمان، أشبه عطف الأعمال الصالحات على الإيمان في كثير من الآيات، لكون الإيمان هو اعتقاد وعمل، فلو أن رجلاً قال: أنا أؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، وأن الجنة حق، وأن النار حق، ولكني لا أصلي، ولا أصوم، ولا أؤدي الزكاة... فإن هذا هو الكافر حقًّا، ولا ينفعه هذا التصديق بدون عمل بموجبه؛ لأنه يعتبر بأنه مكذب لإيمانه. وبعكسه، لو رأينا إنسانًا يحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، ويؤدي الزكاة الواجبة، ويصوم رمضان، ويفعل سائر شرائع الإسلام، ولكنه ينكر وجود الرب، وينكر وجود الملائكة، ويكذب بالبعث بعد الموت ويكذب بالجنة والنار، فإن هذا كافر قطعًا، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ ١٨﴾ [إبراهيم: 18]. وقوله: ﴿وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا ٢٣﴾ [الفرقان: 23]. لكون الشرك محبطًا لسائر الأعمال الخيرية، لكن الكافر متى عمل حسنة أطعم بها في الدنيا من صحة حال، وتكثير مال وعيال، وليس له في الآخرة من نصيب. وأما المؤمن فيطعم بحسنته في الدنيا، ويدخر ثوابها في الآخرة، فيحصل الحسنتين، ويفوز بالسعادتين. والمنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار، كانوا يعملون أعمال الإسلام الظاهرة، ولكنهم يبطنون الكفر والنفاق، فعاملهم الرسول كمعاملة المسلمين المؤمنين في النكاح، والتوارث، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان [حقيقة الإسلام والإيمان] - المجلد (1)