التعليق على قوله تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَاةَ ...﴾
قال (تعالى): ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَاةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥﴾ [الجمعة: 5]. فمعنى ﴿حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَاةَ﴾: أي كلفوا العمل بها فلم يعملوا بها. وهذا الخطاب ليس مختصًا باليهود، وإنما هو عام لجميع الناس. فمعناه بالضبط: مثل الذين حملوا القرآن؛ أي كلفوا العمل به فلم يعملوا به؛ كمثل الحمار يحمل أسفارًا أي يحمل كتبًا فوق ظهره، لا يدري ما فيها، ولا ينتفع بها؛ لأن الاعتبار في القرآن هو بعموم لفظه، لا بخصوص سببه، فهو يتمشى في خطابه على حد:
إياك أعني واسمعي يا جاره
نظيره قوله تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَاةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ﴾ [الـمائدة: 68]. فمعناه بالضبط: يا أهل القرآن لستم على شيء حتى تقيموا القرآن. وقد قال بعض السلف: إذا قال الله يا بني إسرائيل؛ فإن بني إسرائيل قد مضوا! وإنما يعني أنتم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 32 تفسير سُورة الجمعة - المجلد 6