الاختلاف في المقصود بالـمقام النازل في شأنه القرآن
قال (يعني ابن حمدان) في النقض يعني رسالة نقض البنيان: إن مقام إبراهيم مشعر إسلامي ومنسك من مناسك الحج قد وضعه النبي ﷺ في موضعه هذا وهو موضعه في عهد إبراهيم (عليه السلام)، وقد أمرنا الله عز وجل بأن نتخذ منه مصلى، وفسر لنا رسول الله ﷺ مقتضى هذا الأمر بتلاوته للآية الكريمة وصلاته خلفه بعد طوافه في حجة الوداع، وما أمر الله به رسوله من شرعه الذي أوحاه إليه أمر توقيفي لا اجتهاد فيه لأحد، ولا يسوغ لأحد من الناس أن يفتي بنقله من موضعه الذي هو فيه ولا التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، ولا يجوز الاحتيال على ذلك بأي حيلة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ١٨﴾ [الجاثية: 18].
فالجواب: إن في غضون هذا الكلام من التمويه والإيهام وقلب حقائق الأحكام وإغراء سذج العوام ما لا يخفى على الخاص والعام. أما الـمقام النازل في شأنه القرآن فقد وقع الخلاف بين السلف والخلف في تعيينه على أقوال، وإن منهم من قال: إنه الحج كله. ومنهم من قال: إن مقام إبراهيم عرفة ومزدلفة والجمار. ومنهم من قال: إنه الـمسجد الحرام. ومنهم من قال: إنه الحجر الـمعروف الذي قام عليه إبراهيم (عليه السلام) لبناء البيت الحرام. ورجح ابن جرير هذا الأخير وقال: إنه أولى الأقوال بالصواب.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثالث - المجلد 5