المقصود بتسخير الشمس والقمر والكواكب

الحق أن تسخير الشمس والقمر والكواكب، الذي عناه القرآن بقوله ﴿وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۢ بِأَمۡرِهِۦٓۗ﴾ [الأعراف: 54]. هو أن الشمس مسخرة بأمر الله ومخلوقة لمصالح العباد في الدنيا في حكمة الله وتسخيره لها، أنها تطلع على جميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها فتوزع ضوءها بينهم بنظام واعتدال لا يحول ولا يزول ولا يتبدل، فتطلع وتشرق على ما قابلها من الأفق الغربي ليصيب نصيبه من مصلحة ضوئها. ثم لا تزال تدور وتغشى جهة بعد جهة وقطرًا بعد قطر حتى تنتهي إلى المغرب فتشرق على ما استتر عنها من المشرق فيختلف بذلك الليل والنهار. فلو كانت الشمس واقفة لا تتعدى مكانها لما وصل ضوؤها إلى كثير من الجهات وبذلك يسوء الزمن ويكون الليل دائمًا سرمدًا على من تطلع عليهم الشمس ويكون النهار سرمدًا دائمًا على من طلعت عليهم الشمس فيفسد بذلك نظام الدنيا. ولذا ساقه سبحانه في معرض الامتنان به على عباده فقال سبحانه: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ ٧١ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ٧٢ وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٣﴾ [القصص: 71-73]. أي في الليل ﴿وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ﴾ أي: في النهار ﴿وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٣﴾. فلولا غروب الشمس لكانت الأرض تحمي بداوم شروق الشمس عليها حتى يحترق كل ما عليها من حيوان ونبات.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرد بالحق الأقوى على صاحب بوارق الهدى [ الحكمة من تخريب الدنيا يوم القيامة ] - المجلد 1