الأدلة على أن المقصود بالرواسي هو الجبال
لقد كرر الله سبحانه ذكر رواسي الأرض في عدد من آيات القرآن الحكيم.
فقال سبحانه: ﴿وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۢ بَهِيجٖ ٧﴾ [ق: 7].
فتفسير الرواسي يظهر صريحًا من تلاوة الآيات إذ هو من التفسير الذي لا يقبل التغيير، لكون القرآن نزل بلسان عربي مبين يفسير بعضه بعضًا. فإن قوله سبحانه: ﴿وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ﴾ [الأنبياء: 31]. أي: لئلا تضطرب. لأن الميد هو الحركة والاضطراب، فالجبال راسية بنفسها ومرسية للأرض لئلا تتكفأ وتضطرب.
ولا تسمى السفينة راسية إلا إذا وقفت بمرساها في الميناء وأمسكت بأشطان الحبال لتقف ولا تتحرك.
يقول الله سبحانه: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜاهَا وَمُرۡسَاهَآۚ﴾ [هود: 41]. وقد سمى الله الجبال أوتادًا أخذًا من أوتاد الخيمة التي تثبتها في قوله سبحانه: ﴿ أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا ٦ وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا ٧﴾ [النبأ: 6-7].
لكون الجبال هي التي تثبت الأرض وترسيها لئلا تضطرب بالناس، ومن المعلوم بالمشاهدة والحس أنها متى أصيبت الأرض برجة أو زلزال فإن الناس يفزعون ويضطربون ويفرون عن منازلهم خوفًا من سقوطها عليهم، فمن رحمته أن ثبتها بالجبال كما تثبت الخيمة بالأوتاد والحبال. قال الشاعر:
والبيت لا يبتنى إلا له عمد
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
وفي جامع الترمذي وغيره من حديث أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: «لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الله الجبال عليها فاستقرت».
وقد رأينا أرباب السفن متى كانت سفينة أحدهم خالية عن الحملان حمل عليها شيئًا من الحصى أو الرمل ليثبتها عن الاضطراب والميد، وكذلك الجبال في الأرض، ولا علاقة للشمس ولا للقمر في مرساها بل هو من التبديل وركوب التعاسيف في التأويل الزائغ عن سواء السبيل.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرد بالحق الأقوى على صاحب بوارق الهدى [ الرد على ما جاء في تفسيره من مغالطات ] - المجلد 1