كلام الشوكاني في نيل الأوطار حول الغناء

وهاك أجمع كلام يحكي خلاف علماء الأمة وأدلتهم في هذه الـمسألة بالاختصار، وهو كلام الشوكاني في نيل الأوطار، قال بعدما أورد ما تقدم من أحاديث الحظر: وقد اختُلِفَ في الغناء مع آلة من آلات الـملاهي وبدونها، فذهب الجمهور إلى التحريم مستدلين بما سلف، وذهب أهل الـمدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر وجماعة من الصوفية إلى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع، وقد حكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفـه في السماع أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره، وكان ذلك في زمن أمير الـمؤمنين علي رضي الله عنه. وحكى الأستاذ الـمذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن الـمسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي. وحكاه صاحب الإِمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي، هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات الـمعروفة، وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الـمدينة عليه، وقال الـماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة الـمأمور فيها بالعبادة والذكر.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الغناء وما عسى أن يقال فيه من الحظر أو الإباحة " / خلاف العلماء في مسألة سماع الغناء والمعازف وأدلتهم - المجلد (5)