رسالة من الشيخ يوسف القرضاوي
صاحب الفضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود - حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فقد تلقيت بيد الامتنان والشكر كتابكم الأخير: الدلائل العقلية والنقلية، وأخذت في قراءته منذ تسلمته، ولم أستطع أن أنام حتى أكملته، فوجدته حافلاً بكثير من الفوائد الفقهية والتحقيقات العلمية، رادًّا الفروع إلى أصولها، وآتيًا للبيوت من أبوابها.
وأعظم ما أعجبني فيه هو الـمنهج السديد الذي سلكتموه - حفظكم الله- في مناقشة الأقوال ومعرفة الأحكام. وهو منهج لا يتعصب لرأي معين، ولا يتحيز لقول قائل، ولو كان هو شيخ الإسلام الحبيب إلى نفسك ونفوسنا رضي الله عنه وإنما يزن الأقوال والآراء بميزان الكتاب والسنة والقواعد الشرعية الكلية الـمتفق عليها.
وكم بلغ بي السرور مبلغه وأنت تناقش كبار الفقهاء، حين يأخذون حديثًا من الأحاديث بالقبول والتسليم، دون أن يعرضوه على ميزان النقد، أو على الأقل يعرفوا ما قاله أهل الصناعة من أئمة الحديث في هذا النص. ثم ينقل بعضهم عن بعض دون تمحيص.. إلخ.
وما أحوج علماء الإسلام إلى اتباع هذا الـمنهج، إذن لصُحِّحت مسائل كثيرة، وظهرت للناس محاسن الشريعة الغراء ورفع عن الأمة حرج كبير.
إن هذه الرسالة مع رسالة فضيلتكم السابقة يسر الإسلام نموذجان يحتذيان في التأليف العلمي الـمستقل، الذي لا يبحث إلا عن الحق، ولا يأخذ إلا بالدليل، ولا تثبطه شهرة الحكم وشيوعه عن مناقشته ورده إلى أصوله.
أخيرًا، أسأل الله تعالى أن يطيل في عمركم ويبارك في حياتكم، ويجعل منها منارًا لهداية الحائرين، وشهابًا لرجم الـمبطلين والـملحدين، وأن ينفع بكم، ويغفر لكم.. آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الـمخلص
يوسف القرضاوي