توجيه ابن تيمية لجعل عمر طلاق الثلاث ثلاثا
نحن نسوق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في تفصيله لهذا الطلاق الذي ألزم عمر الناس به.
قال شيخ الإسلام تعليقًا على قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أنفذناه عليهم. فأنفذه عليهم.
قال: هو بيان أن الناس أحدثوا ما استحقوا عنده أن ينفذ عليهم الثلاث...
وإن قُدِّر أن عمر رأى ذلك لازمًا فهو اجتهاد منه اجتهده.
ومن جعل قول عمر فيه شرعًا لازمًا قيل له:
هذا اجتهاده قد نازعه فيه غيره من الصحابة، وإذا تنازعوا في شيء وجب رَدّ ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول.
وإما أن يكون عمر جعل هذا عقوبة تفعل عند الحاجة، وهذا أشبه الأمرين فيه بعمر. ثم العقوبة بذلك يدخلها الاجتهاد من وجهين: من جهة أن العقوبة بذلك هل تشرع أم لا؟ فقد يرى الإمام أن يعاقب بنوع لا يرى العقوبة به غيره، كتحريق عليٍّ الزنادقة بالنار، ومن جهة أن العقوبة إنما تكون لمن يستحقها، فمن كان من المتقين استحق أن يجعل الله له فرجًا ومخرجًا ولم يستحق العقوبة، ومن لم يعلم أن جمع الثلاث محرم فلما علم أن ذلك محرم تاب من ذلك اليوم، ألا يطلق إلا سُنِّيًّا، فإنه من المتقين في باب الطلاق، فمثل هذا لا يتوجه إلزامه بالثلاث مجموعة بل يلزم بواحدة فيها.
والذي يحمل عليه أقوال الصحابة أحد أمرين:
إما أنهم رأوا ذلك من باب التعزير الذي يجوز فعله بحسب العادة، كالزيادة على أربعين في الخمر، وإما لاختلاف اجتهادهم فرأوه لازمًا.
وأما القول بكون لزوم الثلاث شرعًا لازمًا كسائر الشرائع، فهذا لا يقوم عليه دليل شرعي.
وعلى هذا فالقول الراجح لهذا الموقع أنه يلتزم طلقة واحدة ويراجع امرأته. انتهـى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / عمر بن الخطاب وإمضاء الطلاق بالثلاث || المجلد (2)