تعدد المدعين للمهدية في المشرق
إن أول من قال بالمهدي هو كيسان، مولى علي بن أبي طالب، في ابنه محمد ابن الحنفية. وجاء في كتاب أسد الغابة أنهم أطلقوا على علي: هاديًا مهديًا ثم أطلقوا الكلمة على الحسين بعد مقتله فقالوا: المهدي بن المهدي. ولما قتل الحسين ومات الحسن، رأت طائفة أنه من الطبيعي أن يرث عليًّا ابنه محمد ابن الحنفية، كما رأى غيرهم أن الوارث لعلي هما الحسن والحسين فقط، لأنهما وحدهما ابنا علي من فاطمة بنت الرسول ﷺ، أما ابن الحنفية فابن علي لكن لا من فاطمة بل من امرأة من بني حنيفة.
ونشأت فرقة تسمى الكيسانية، نسبة إلى كيسان يتزعمها عبد الله بن سبأ، ثم المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي زعم هو وفرقته أن محمد ابن الحنفية هو الإمام، وهو المهدي، وأنه لم يمت ولكنه تغيب في جبل رضوى، وهو في الحجاز على سبع مراحل من المدينة، وأنه حي يرزق، وعنده عينان نضاختان تجريان عسلاً وماء، وأنه سوف يرجع إلى الدنيا فيملؤها عدلاً، وأنه سيقود الجيوش فيرد الملك إلى أهل البيت، وفيه يقول كثير عزة وهو سبئي:
وسبط لا يذوق الموت حتى
يقود الجيش يقدمه اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانًا
برضوى عنده عسل وماء
ثم خرج السفياني زمن بني أمية فلقبوه: المهدي المنتظر.
ولما سمع المنصور العباسي بخبر المهدي، وكثرة حديث الناس فيه، أراد أن يقطع الطريق عن التسمي به؛ فسمى ابنه المهدي.
فاستغل الخليفة المنصور أخو مؤسس الدولة العباسية، شيوع كلمة المهدي فلقب ابنه بالمهدي، ودعا إليه على أنه المهدي المنتظر ليحيط الخلافة بالسلطان الدنيوي، والتقديس الديني، وجعله ولي عهده وكان ذلك في بغداد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / تعدّد أحداث من يدّعي أنه المهدي - المجلد (1)