تعليق ابن القيم على من ادعوا المهدية وتغلبوا بالظلم والجور
أما مهدي المغاربة: محمد بن تومرت فإنه رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل، ملك بالظلم والتغلب والتحيل، فقتل النفوس وأباح حريم المسلمين وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم، وكان شرًّا على الملة من الحجاج بن يوسف بكثير، وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء، يأمرهم أن يقولوا للناس: إنه المهدي الذي بشر به النبي ﷺ. ثم يردم عليهم ليلاً لئلا يكذبوه بعد ذلك، وسمى أصحابه الجهمية: (الموحدين) نفاة صفات الرب وكلامه، وعلوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ورؤية المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة، واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان، وتسمى بالمهدي المعصوم. ثم خرج المهدي الملحد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان جده يهـوديًّا من بيت مجوسي، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت، وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي ﷺ، وملك وتغلب، واستفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون، الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله، على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام. واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم، وكانوا يدعون الألوهية، ويدعون للشريعة باطنًا يخالف ظاهرها.
ولم يزل أمرهم ظاهرًا إلى أن أنقذ الله الأمة منهم، ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم وأبادهم.
والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي، والرافضة الاثنى عشرية لهم مهدي.
فكل هذه الفرق تدعي في مهديها الظلوم الغشوم، والمستحيل المعدوم: إنه الإمام المعصوم، والمهدي المعلوم، الذي بشر به النبي ﷺ.
فهذا كلام ابن القيم قد أنحى فيه بالملام، وتوجيه المذام على سائر الفرق التي تدعي بالمهدي، ولم يستثن فرقة من فرقة، لكونها دعوى باطلة من أصلها.
ويشير إلى أن فكرة المهدي المنتظر قد سبق إلى ادعائها كثيرون، وأنهم كلهم لم يعدلوا في الأرض، بل ملؤوا الدنيا جورًا وظلمًا وعدوانًا، وسفكوا الدماء، واستباحوا المحارم، خلاف ما يدعون إليه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / من كلام ابن القيّم في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف - المجلد (1)