لا دليل على الأضحية عن الميت
أما الأضحية عن الـميت، فإنه بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والـمسانيد والتفاسير والسير، لم نجد دليلاً صريحًا من كتاب الله ولا حديثًا صحيحًا عن رسول الله يأمر بالأضحية عن الـميت أو يشير إلى فضلها ووصول ثوابها إليه، ولم ينقل أحد من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يضحون لموتاهم، ولم يذكر فعلها عن أحد منهم، لا في أوقافهم ولا وصاياهم ولا في سائر تبرعاتهم، ولم يقع لها ذكر في كتب الفقهاء من الحنابلة الـمتقدمين، لا في الـمغني على سعته، ولا في الكافي، ولا الـمقنع، ولا في الشرح الكبير، ولا الـمحرر، ولا الإنصاف، ولا النظم، ولا في الـمنتقى، والإلـمام في أحاديث الأحكام، ولا في إعلام الـموقعين، ولا في زاد الـمعاد، ولا في البخاري، ولا في شرحه فتح الباري، ولا في مسلم، ولا في شرح مسلم للنووي، ولا في نيل الأوطار للشوكاني، ولا في سبل السلام للصنعاني، ولا في التفاسير الـمعتبرة: كابن جرير الطبري، وابن كثير، والبغوي، والقرطبي، فتركهم لذكرها ينبئ عن عدم العمل بها في زمنهم أو على عدم مشروعيتها عندهم، والظاهر من مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، عدم جواز فعلها عن الـميت لعدم ما يدل على مشروعيتها، وخص الإمام أبو حنيفة الجواز بما إذا عينها ثم تُوفي بعد تعيينها، فإنها تذبح عنه تنفيذًا للتعيين. والقول الثاني: أنه لا يجوز ذبحها، بل تعود تركة، لكونه لا أضحية لميت، حكى القولين في الـمبسوط و بدائع الصنائع، وأشار إليه الطحاوي في مختصره.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / الأضحية الشرعية عن الـميت وهل هي شرعية أو غير شرعية؟ - المجلد (5)