الأسباب من قدر الله التي يقدر بها دفع البلاء
قد خلق الله الإنسان، وخلق له السمع والبصر والأفئدة، وخلق له أيضًا جميع ما يحتاج إليه في الدنيا من المطاعم والمشارب واللباس والأدوية.
فكل العقاقير التي يستعملها الأطباء لعلاج الأمراض، والوقاية من البلاء والوباء، فهي بالحقيقة من مخلوقات الله التي أنبتها في أرضه، رحمة منه لعباده بإيصال نفعها إليهم، وخص كل نوع منها بمرض يزاوله ويشفيه، فهي من قدر الله تعالى التي يقدِّر الله بها دفع البلاء ورفعه، لكون الدواء أمانًا للصحة وقت المهلة، فالقائلون: ألقاه في اليم مكتوفًا، هم الجبرية، الذين يحتجون بالقدر، ويحاولون أن ينزهوا أنفسهم عن سوء ما فعلوا من المنكرات، وترك الطاعات. قال الخطابي رحمه الله: قد يحسب كثير ممن لا علم عندهم: أن القضاء والقدر من الله، عبارة عن إجبار العباد وقهرهم على ما قدره وقضاه، وليس كذلك. وإنما معناه: الإخبار عن تقدم علم الله بما يكون من أفعال العباد، واكتسابهم لأعمالهم، والحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليها، لمباشرتهم تلك الأفعال، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " بطلان الاحتجاج بالقدر: المحتجون بالقدر حجتهم داحضة عند ربهم - [هل الإنسان مخيَّر أم مسيَّر؟] " - المجلد (1)