الـمؤمن لن يجزع من الـموت عند نزوله به
(إن) الـمؤمن الذي يربح عمره، ويتزود فيه من صالح عمله، فيتزود من دنياه لآخرته، فإنه لن يأسف على الدنيا عند ذهابه منها، ولن يجزع من الـموت عند نزوله به، ولن يخاف ولن يحزن على إقباله على الآخرة؛ لأن أعماله تؤنسه، وصنائع الإحسان تقي مصارع السوء.
ولذا يقال له عند الاحتضار على سبيل العطف واللطف ﴿يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ٢٧ ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ ٢٨ فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي ٢٩ وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي ٣٠﴾ [الفجر: 27-30]. - ولهذا من الدعاء الـمأثور: «اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة». وهذا معنى قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح ««من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه». قالوا: يا رسول الله كلنا يكره الـموت. قال: «ليس الأمر كذلك. ولكن الإنسان إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال على الآخرة -أي في حالة الاحتضار- فإن كان من أهل الخير بُشّر بالخير، فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإن كان من أهل الشر بُشّر بالشر، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه»».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (85) آخر العام ومحاسبة النفس على ما أسلفته من الأعمال - المجلد (7)