الذين فرطوا في آخرتهم سيندم أحدهم على تفريطه حيت لا ينفعه الندم

يؤتى يوم القيامة بأطول الناس أعمارًا في الدنيا، من الـمترفين، التاركين للطاعات الـمرتكبين للمنكرات، فيُصبغ أحدهم في النار صبغة. ثم يقال له: هل رأيت في الدنيا خيرًا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا يا رب. فينسى نعيم الدنيا عند أول مس من العذاب. ويقال له: كم لبثت في الدنيا؟ فيقول: لبثت يومًا أو بعض يوم. فيقال له: بئس ما اتجرّت في يوم، أو بعض يوم. فهؤلاء الذين صرفوا جل عقولهم وأعمالهم واهتمامهم للعمل في دنياهم، واتباع شهوات بطونهم وفروجهم، وتركوا فرائض ربهم، ونسوا أمر آخرتهم. ولم يزل ذلك دأبهم، حتى يخرجوا من الدنيا مذمومين مدحورين مفلسين من الحسنات والأعمال الصالحات، فيجتمع عليهم سكرة الـموت، وحسرة الفوت، وهول الـمطلع. فيندم أحدهم على تفريطه حيت لا ينفعه الندم، ﴿يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي ٢٤ فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٥ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٦﴾ [الفجر: 24-26]. ﴿خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (85) آخر العام ومحاسبة النفس على ما أسلفته من الأعمال - المجلد (7)