ليعتبر الـمعتبر بالبلدان التي قُوِّضَتْ منها خيام الإسلام

ليعتبر الـمعتبر بالبلدان التي قُوِّضَتْ منها خيام الإسلام، وتظاهر الناس فيها بالكفر والفسوق والعصيان، وتُرِك فيها الأمر بالـمعروف والنهي عن الـمنكرات. كيف حال أهلها؟ وما دخل عليهم من النقص والجهل، والكفر وفساد الأخلاق والعقائد والأعمال، حتى صاروا بمثابة البهائم يتهارجون في الطرقات، لا يعرفون صيامًا ولا صلاة، ولا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، ولا يمتنعون من قبيح، ولا يهتدون إلى حق. ذلك بأن الـمنكرات متى كثر على القلب ورودُها، وتكرر في العين شهودُها، ذهبت عظمتها من القلوب شيئًا فشيئًا، إلى أن يراها الإنسان فلا يرى بقلبه أنها منكرات، ولا يمر بفكر أحدهم أنها معاصٍ. وذلك بسبب سلب القلوب نور التمييز والإنكار، على حد ما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس. وهذا هو عين الهلاك للأخلاق، فإن بقاء الأمم في استقامة أخلاقها، فإذا ذهبت أخلاقهم ذهبوا، يقول الله تعالى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾ [آل‌عمران: 110]. فمتى زال من الناس الأمر بالـمعروف، والنهي عن الـمنكر، فقد زال عنهم الخير، وصاروا من أشر الناس.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (23) وصيّة لقمان لابنِه - المجلد (6)