الرجل الفاضل مهما هذب نفسه، وحاول كف ألسنة الناس عن عذله فإنه لن يسعه ذلك
غير أنني أعرف أهل زماني، وخاصة إخواني وأقراني، وأنهم على اتباع زلاتي، وإحصاء سيئاتي، وستر حسناتي أحرص منهم على الانتفاع بعظاتي، لكنني أسلِّي نفسي بالتأسي بالعلماء الفضلاء قبلي الذين دب إليهم داء الحسد من أقرانهم، لكون الرجل الفاضل مهما هذب نفسه، وحاول كف ألسنة الناس عن عذله ولومه فإنه لن يسعه ذلك، لأن كل ذي نعمة محسود كما قيل:
ليس يخلو الـمرء من ضد ولو
حاول العزلة بأعلى الجبل
لهذا نرى أحد هؤلاء عندما يعرض عليه شيء من رسائلنا، ثم يرى فيها قولاً مما يخالف رأيه واعتقاده - وإن كان حقا في نفس الأمر والواقع - فتراه يبادر بالركض إلى مدير الجريدة، لينشر نقده الباطل، ليعلم به جميع الناس، العام منهم والخاص، كأنها زراية وهي صحيحة في الرواية والدراية.