اختلاف العلماء تفاوت في العلم والفهم

كم من عالم كان يقول أقوالاً في بداية عمره ثم يتبين له ضعفها فيقول بخلافها. فهذا الإمام الشافعي له أقوال قالها في العراق، وتسمى أقواله القديمة، ثم صار له أقوال جديدة قالها في مصر، وصار العمل على أقواله الجديدة الأخيرة، ومثله الإمام أحمد فإن له في المسألة الواحدة عدة روايات، لكون الاجتهاد في عرفهم يتجدد. وهذا الدارقطني رد على البخاري في بضعة وثمانين موضعًا في صحيحه، ولا عيب على البخاري ولا على الدارقطني، وحسبك تفرق المذاهب إلى أربعة، وكلُّ يرى عنده دليلاً ليس عند صاحبه ويترضى بعضهم على بعض. وفي البخاري: أن موسى لما لقي الخضر في مجمع البحرين، وهاله ما رآه من تصرفه من قتله للغلام، وبنائه للجدار الذي يريد أن ينقض، وخرقه لسفينة المساكين الذين يعملون فيها في التكسب في البحر، فضاق صدر موسى من تصرفه، وعيل صبره، فأراد أن يفارقه فقال له الخضر: يا موسى إني على علم من علم الله علّمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه لا أعلمه. وقال له أيضًا: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر. وهكذا يقع تفاوت العلماء فيما علموه، والاختلاف فيما فهموه، كما قيل: وتفاوت العلماء في أفهامهم في العلم فوق تفاوت الأبدان
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / دعوة العلماء والعقلاء إلى الاتحاد على حسن الاعتقاد - المجلد (1)