يجب على كل أخ منصف أن يكشف لي بكتاب عن وجه الصواب إن كنت أخطأت

لأني وإن كنت أرى في نفسي أني أصبت فيما قلت مفاصل الإنصاف والعدل، ولم أنزع فيه إلى ما يأباه النقل أو ينفيه العقل، لكنني أعرف بأنني فرد من بني الإنسان الذي هو محل للخطأ والنسيان، فعلى كل أخ مخلص منصف أن يعيد دراسته ويعجم عود فراسته ليتضح له معناه ويقف على حقيقة مغزاه ومبناه، فإن تبيّن له أني خلطت في الدراية وأخطأت في الرواية، وجب عليه أن يكشف لي بكتاب عن وجه ما خفي علي من الصواب، فإن الحق أحق أن يتبع، والعلم جدير بأن يستمع، والقصد واحد والغاية متساوية. ثم إن العلماء من قديم الزمان وحديثه قد يبدو للمجتهدين منهم اليوم في فهم النصوص وتفسيرها وفهم القرآن واستنباط معانيه وأسرار أحكامه ما لا يبدو للفقهاء وللمفسرين المتقدمين في العصور السالفة، ولولا ذلك لم تتعدد التفاسير. وحسبك مخالفة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للعلماء قبله في كثير من مسائل الفقه والتفسير والأصول والعقائد، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ومن صفة القرآن أنه لا تنقضي عجائبه، وقد وصفوه بالبحر المملوء من الدرر، ولكل غائص على قدر نصيبه منه، كما قال علي رضي الله عنه لما قيل له: هل خصكم رسول الله بشيء؟ فقال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا فهمًا يعطيه الله عز وجل رجلاً في القرآن. «ومن يرد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - إتحاف الأحفياء برسالة الأنبياء / " النبي محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل وشريعته آخر الشرائع " - المجلد (1)