صلاة الأنصار الجمعة، إنما وقع بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال (يعني صاحب رسالة "الاحتفال بذكر النعم واجب") : ولدينا دليل آخر مدني أنصاري نقله إمام السنة أحمد بن حنبل وحكاه عنه شيخ الإسلام ابن تيمية، قال أحمد: ثبت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله ﷺ قالوا: لو نظرنا يومًا فاجتمعنا وذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا، فقالوا: يوم السبت. قالوا: لا نجامع اليهود في يومهم. قالوا: الأحد. قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم. قالوا: فيوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة، فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة، فذبح لهم شاة فكفتهم. انتهى.
فالجواب: أننا بحمد الله نؤمن بالكتاب كله من كل ما ثبت عن الله ورسوله، ولسنا ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، وهذا الذي ذكره من اجتماع الأنصار يطالبون بيوم يجتمعون فيه لعبادة ربهم هو صحيح كما وصف، وأما صلاتهم الجمعة، فإنما وقع بأمر من النبي ﷺ لما تتابع المهاجرون إلى المدينة، أمر مصعب بن عمير، بأن يصلي بهم الجمعة ويترجح أنها فرضت الجمعة مع فرض سائر الصلوات، والله سبحانه قد افترض الصلوات الخمس وآكدها صلاة الجمعة والتي هي عيد الأسبوع والتي هي أفضل من عيد الأضحى وعيد الفطر، فاختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن النبي ﷺ قال: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهـود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا ليوم الجمعة، نحن الآخِرون السابقون». وفي رواية «بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله له» فافترضت الجمعة على النبي ﷺ بمكة كسائر الصلوات الخمس، لكنه لم يتمكن من إقامتها بمكة من أجل أن المشركين يمنعونه من ذلك، ولما هاجر بعض أصحابه إلى المدينة أمر النبي ﷺ مصعب بن عمير بأن يصلي الجمعة بالناس.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق " / [رد سماحة الشيخ على رسالة: الاحتفال بذكر النعم واجب] - المجلد (4)