لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أكره أحدا على الإسلام

يقول (صاحب كتاب "الجهاد في الإسلام بين الطلب والهجوم") (ص116): إن جهاد الصحابة ومن بعدهم في القرون المفضلة يدل دلالة واضحة على أن قتالهم كان لإعلاء كلمة الله في الأرض والسماء، ولا يمكن ذلك ولا يعقل أبدًا إلا إذا كان جهادهم لطلب العدو ومن أجل إسلامه ودخوله دين الإسلام. انتهى كلامه. ونقول: إنه لم يثبت عن النبي ﷺ أنه أكره أحدًا على الإسلام لا ممتنعًا ولا مقدورًا عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا المكره، وقد فتح مكة ولم يكره أحدًا منهم على الإسلام بعد قدرته عليهم، بل قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». حتى دخلوا في الإسلام من تلقاء أنفسهم طائعين مختارين. وقد غزا بعض قريش معه هوازن وهم على شركهم، منهم صفوان بن أمية وشيبة بن عثمان الحجبي وغيرهما. وقد جعل الصحابة هذا الفتح بمثابة الدستور الذي يسيرون عليه في أدب فتوحهم للبلدان. ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم خرجوا من بلادهم وفارقوا أهلهم وأولادهم لنشر هذا الدين وإعلاء كلمة الله في الأرض والسماء وليس جهادهم مقصورًا على القتال بالطلب حسبما يدعيه الكاتب؛ إذ الجهاد مأخوذ من بذل الجهد والطاقة في إعلاء كلمة الله ونصر دينه، والتبشير به والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجدال المخالفين بالتي هي أحسن، وقد شرط العلماء في الجهاد بالقتال تقدم الدعوة عليه، إذ الجهاد بالقتال هو من الضرورات التي شرعت لجلب المصالح ودفع المضار، فهو آخر ما يستعمل من وسائل الجهاد على حد ما قيل: آخر الطب الكي.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "[فصـل في الرد على صاحب الكتاب]" - المجلد (3)