حكم حج الذين مروا بالمزدلفة دون النزول بها

كثر السؤال عن حج هؤلاء (الذين مروا بالمزدلفة ولم ينزلوا بها بسبب الزحام)، وهل هو صحيح أم لا؟ فالجواب: إننا على دين كفيل بحل مشكلات العالـم، ما وقع في هذا الزمان، وما سيقع بعد أزمان. ولو فكرنا فيه بإمعان ونظر؛ لوجدنا فيه الفرج عن هذا الحرج. وقد قيل: إن الحاجات هي أم الاختراعات؛ لهذا يجب على العلماء الاجتهاد في تجديد النظر فيما يزيل عن أمتهم وقوع الخطر والضرر. والنبي ﷺ قد أرخص للظعن والضعفة بأن يدفعوا بالليل ويرموا الجمرة بالليل. كما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة، وحديث أسماء بنت أبي بكر، وحديث ابن عمر، وحديث ابن عباس. وكما ثبت الدفع إلى مكة من حديث عائشة قالت: أرسل النبي ﷺ بأم سلمة ليلة الـمزدلفة فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت. رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. وكل الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم والسنن، لم تثبت تحديد الـمبيت بجزء من الليل، ولا تقييده بنصفه كما قيده الفقهاء بذلك. وترجم له البخاري في صحيحه ما عدا أن أسماء بنت أبي بكر قالت للذي يُرحلها: هل غاب القمر؟ فقال: لا. فأخذت تصلي. ثم قالت: هل غاب القمر؟ قال: نعم. قالت: فارتحلوا. قال: فارتحلنا فمضت حتى رمت الجمرة، وقالت: يا بني، إن رسول الله ﷺ أذن للظعن. ومثله قاله ابن عمر حين دفع من مزدلفة بأهله من الليل. وكلها لا تدل على تحديد ولا تقييد. ونتيجة الجواب عن هذا السؤال: أن حج هؤلاء يعتبر صحيحًا بدون دم، إذ هو نظير ما فعلته أم سلمة زوج النبي ﷺ كما في حديث عائشة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (45) فقه أحكام منسك حَجّ بَيت الله الحرام | الحُكم في نزول مزدلفة والدّفع منها - المجلد (7)