ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في الـمقال
فترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في الـمقال، فكأنه (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) قال في جواب سؤالهم (يعني الصحابة): ارموا في أية ساعة شئتم ولا حرج.
ومما يدل على ذلك حديث عاصم بن عدي، أن النبي ﷺ رخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد وبعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر، رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان.
ووجه الدلالة منه أنه أمرهم في أن يرموا جمارهم يوم النفر بدون تحديد ولا تقييد، ويوم النفر هو ظرف لـمـا بين طلوع الشمس إلى الغروب، أو لما بين طلوع الفجر إلى الغروب ويدخل الليل تبعًا، لا يقال: إن هؤلاء رعاة وقد رخص لهم في ذلك لحاجة الناس لرعاية الإبل، والرخصة هي التسهيل، وهي ما ورد على خلاف أمر مؤكد لمعارض راجح.
فنقول: نعم، إنه رخص لهم في البيتوتة عن منى وفي جمع الجمار ليومين، لكنهم عند إيابهم من رعايتهم وحصولهم في منى يوم النفر قد زال عنهم العذر وصار حالهم حال الصحابة الـمقيمين في منى في كل ما يفعل في يوم النفر من رمي وغيره، فلو كان ما قبل الزوال وقت نهي لغيرهم لصار وقت نهي في حقهم لمساواتهم لهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل السادس عشر - المجلد (5)