استجابة الدعاء ليست من باب إهداء ثوابه، ولكنه تفضل من الله للمدعو له وللداعي أجره

لم يكن الداعي ليهدي ثواب دعائه إلى أحد، وإنما يدخر ثواب دعائه عند ربه، سواء استجيب له أو لم يستجب له، وإذا استجيب له لم تكن استجابته من باب إهداء ثوابه، ولكنه تفضل من الله للمدعو له وللداعي أجره، فانتفاع الـميت بالدعاء هو بمثابة انتفاع الحي به عند استجابته، فليس فيه شيء من إهداء ثوابه، أما إهداء ثواب العمل، فهو أن يصلي مثلاً أو يصوم أو يحج أو يقرأ القرآن أو يدعو ربه ثم يهدي ثواب عمله إلى ميته، وهذا لم يكن معروفًا عن الصحابة والسلف الصالح، ولم يعنه شيخ الإسلام بكلامه هذا، وإنما أدخل الفقهاء الدعاء فيما يهدى إلى الـميت، توسعًا، وإلا فإنه عبادة مستقلة بين العبد وربه، ولهذا ذكر ابن مفلح في الـمحرر عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أنه قال: لم يكن من عادة السلف إهداء ثواب الأعمال إلى موتى الـمسلمين، بل عادتهم أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات فرضها ونفلها، وكانوا يدعون للمؤمنين والـمؤمنات، كما أمر الله بذلك، ويدعون لأحيائهم وأمواتهم، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريقة السلف، فإنها أفضل وأكمل. انتهـى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فائدة منقولة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - شرح الكلمات - المجلد (5)