بعض المسائل التي أعرض العلماء فيها عن اختيارات ابن تيمية لما تبين لهم رجحان خلافها

من ذلك الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، فبعض العلماء يجعله عن طلقة واحدة، عملاً بالسنة والقرآن، وتمشيًا مع اختيارات شيخ الإسلام، وبعض العلماء يجعله طلاقًا بائنًا، يفرّق به بين الـمرء وزوجه، كما هو الـمعمول به الآن في بعض البلدان. ومنها: إن الحلف بالطلاق بالثلاث إذا حنث يجعله بعض العلماء يمينًا مكفرة وليس بطلاق، عملاً باختيارات شيخ الإسلام، وبعض العلماء يجعله طلاقًا إن كان بلفظ الواحدة فواحدة أو بلفظ الثلاث فثلاث، خلافًا لاختيارات شيخ الإسلام، ومنها: إن شيخ الإسلام يرى عدم وقوع الطلاق في الحيض لحرمته، مستدلًّا على ذلك بقوله: ﴿إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]. وبحديث ابن عمر في الصحيحين، وخالفه أكثر العلماء وقالوا بصحة وقوع الطلاق ولزومه مع الحرمة، ومنها: إن الـمختلعة من زوجها ليس عليها إلا الاستبراء بحيضة واحدة، أي اختيارات شيخ الإسلام، وخالفه كثير من الفقهاء، فأوجبوا عليها عدة الطلاق، أي ثلاث حيض ممن تحيض، ومنها: إن الـمتمتع بالعمرة إلى الحج ليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد، كالقارن على السواء أي اختيارات شيخ الإسلام، وخالفه بعض الفقهاء فقالوا: يجب عليه طواف للعمرة وسعي للعمرة وطواف للحج وسعي للحج. ومنها: إن شيخ الإسلام يرى جواز طواف فرض الحج للحائض والنفساء متى خافت فوات الحج بذهاب الرفقة ولا يمكنها التخلف عنهم فتستثفر بثوب ثم تطوف، ويتم بذلك حجها، وخالفه بعض الفقهاء في ذلك وقالوا: لا تطوف بالبيت حتى تطهر ولو فات عليها الحج. ومنها: إن شيخ الإسلام يرى جواز صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح ولا يضر عنده اختلاف النية بين الإمام والـمأموم، وقد خالفه بعض الفقهاء فأوجبوا اتحاد النية بين الإمام والـمأموم، فهم يمنعون من صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح، إلى غير ذلك من الـمسائل التي خالف فيها الفقهاء وهي تحقق ما قلنا من إعراض بعض العلماء عن بعض اختياراته، مع قطع النظر عن ترجيح أحد القولين، وهل كانوا مصيبين في خلافه أو هو الـمصيب، لكون هذا ليس من شأننا في هذا الـمقام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / إعادة الحديث في البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات - المجلد (5)