رأي الشافعية في الأضحية عن الميت

الـمشهور من مذهب الإمام الشافعي، أن ما عدا الواجب والصدقة والاستغفار لا يفعل عن الـميت ولا يصل ثوابه إليه، فلا يصل إليه ثواب الأضحية ولا القراءة ولا حج التطوّع. قال في تحفة الـمحتاج شرح الـمنهاج: ولا تقع أضحية عن ميت إن لم يوص بها، ويفرق بينها وبين الصدقة، أنها -أي الأضحية- تشبه الفداء عن النفس فتوقفت على الإذن ولا إذن لميت بخلاف الصدقة، فمن ثم لم يفعلها وارث ولا أجنبي، بخلاف نحو حج واجب وزكاة وكفارة، لأن هذه تشبه الديون ولا كذلك التضحية، أما إذا أوصى بالأضحية فتصح كما صح «عن علي أن النبي ﷺ أمره أن يضحي عنه كل سنة». وقال في حاشية الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: ولا تجزئ تضحية لأحد عن آخر ولو كان ميتًا كسائر العبادات، وقال النووي في الـمجموع شرح الـمهذب: لو ضحى عن غيره بغير إذنه لم يقع، وأما التضحية عن الـميت فقد أطلق أبو الحسن العبادي جوازها، لأنها ضرب من الصدقة، والصدقة تصح عن الـميت وتنفعه وتصل إليه بالإجماع. وقال صاحب العمدة والبغوي: لا تصح التضحية عن الـميت إلا أن يوصي بها وبه قطع الرافعي في الـمجرد، واحتج العبادي وغيره في التضحية عن الـميت بحديث علي: «أنه كان يضحي بكبشين عن النبي ﷺ وقال: إن رسول الله أوصاني أن أضحي عنه». انتهى. فقد عرفت أن كثيرًا من الفقهاء لمّا سمع بحديث علي أخذ بظاهره حين ظنه صحيحًا، فمنهم من بنى عليه القول بصحة الأضحية عن الـميت مطلقًا، ومنهم من بنى عليه القول بصحة الوصية بها والوقف عليها، والحق أن هذا الحديث ضعيف متروك لا يحتج به، كما حقق ذلك أهل الحديث.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / أقوال فقهاء المذاهب الأربعة في الأضحية عن الميت - (2) مذهب الإمام الشافعي - رحمه الله - - المجلد (5)