مقارنة رأي الحنابلة بآراء غيرهم من المذاهب في بعض المسائل

منها شرط الخيار في البيع، فقد قال الإمام مالك والشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز الخيار فوق ثلاثة أيام. إلا أن الإمام مالكًا قال: لا يزاد الخيار على ثلاثة أيام إلا بقدر الحاجة، كأن يصل إلى البلد وهو لا يصل إليها إلا فوق ثلاثة أيام. أما الإمام أحمد، فإنه قال بجواز شرط الخيار على ما يتفقان عليه زادت المدة أو قصرت حتى ولو زاد على الشهر، لأنه حق ثابت بالشرع فرجع في تقديره إلى مشترطه كالأجل ويحكم بالملك في مدة الخيار للمشتري له غنمه وعليه غرمه. ومنها إذا باع شيئًا واستثنى نفعه المباح مدة معلومة غير الوطء ودواعيه، كما لو باع بيتًا واستثنى سكناه حولاً أو أكثر. فقد قال الإمام أبو حنيفة والشافعي: لا يصح هذا الشرط؛ لأنه ينافي مقتضى البيع، أشبه ما لو اشترط ألا يسلمه إليه. أما الإمام أحمد، فقد قال بصحة هذا الشرط ولزوم ما يترتب عليه، لقصة جابر حين باع بعيره على النبي ﷺ واستثنى حملانه إلى المدينة. وتأخير تسليم المبيع إلى المدة المحدودة لا ينفي صحة البيع كالدار المؤجرة فإنه يصح البيع فيها مع تأخير تسليمها. ومنها بيع التلجئة وهي إذا خشي إنسان سلطانًا أو ظالمًا أن ينتزع ملكه منه قهرًا فاتفق مع إنسان بأن يظهر للناس أنه اشتراه منه ليحتمي بذلك من هذا الظالم ولا يريد بيعه على الحقيقة، فإن هذا يسمى بيع تلجئة. وقد قال الإمام أبو حنيفة والشافعي: هو بيع صحيح، تم بأركانه وشروطه فلزم العقد فيه. أما الإمام أحمد، فقد قال بعدم لزوم البيع لأنهما لم يقصدا البيع الحقيقي الذي هو انتقال المبيع إلى المشتري، فلم يصح بناءً على ما اتفقا عليه قبل العقد، لكون العقود محمولة على القصود.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / التأمين على السّيارات - تسامح مذهب الحنابلة في تقبل التأمين على السيارات وكثير من العقود والشروط والمعاملات || المجلد (4)