إباحة الاشتراك الاجتماعي الأهلي المنعقد للضمان في تأمين حوادث السيارات

الاشتراك الاجتماعي الأهلي المنعقد للضمان في تأمين حوادث السيارات يعتبر من التعاون المباح وما ينتج عنه من الأرباح فحلال لا شبهة فيه، أشبه بشركات الكهرباء والأسمنت ونحوها، ويدخل في عموم الصلح الجائز بين المسلمين وإباحته تتمشى على ظاهر نصوص مذهب الإمام أحمد. قال في الإقناع: ويصح ضمان أروش الجنايات نقودًا كانت كقيم المتلفات أو حيوانًا، كالدّيات، لأنها واجبة أو تؤول إلى الوجوب.. انتهى. وسبق قول صاحب المغني. وهذه تشبه قضية ضمان التأمين على السيارات، حيث تلتزم الشركة ضمان الديات وأروش الجنايات وقيم المتلفات، كأضرار السيارات ونحوها من كل ما هو واجب بالضمان أو يؤول إلى الوجوب ولا يشترط معرفة المضمون عنه ولا المضمون به. ولا يقدح في صحة هذا الضمان كون المؤمِّن على سيارته يدفع شيئًا من المال، فإن هذا لا يقدح في صحة الضمان والحالة هذه، إذ ليس عندنا ما يمنعه. ولا يقدح في صحة هذا الضمان تبرع الشركة بدفع الديات وقيم الأضرار والمتلفات بدون رجوع فيه إلى أحد، فإن هذا كله جائز على قواعد المذهب إذ من المعلوم شرعًا وعرفًا أن الجناية تتعلق بالجاني المباشر لها في خاصة العمد وعلى العاقلة في قتل الخطأ فيما زاد على الثلث من الدية، غير أن التزام الشركة بضمان هذه الجنايات وإن عظم أمرها وعدم الرجوع منها على أحد في غرمها أنه صحيح جائز، وهو مما يجعل الجاني الذي لم يتعمد وكذا عاقلته في راحة عن المطالبة والغرامة، وهو خير من كونهـم يتكففون الناس في سؤال هذه الغرامة أعطوهم أو منعوهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / التأمين على السّيارات - إزالة الشبهات اللاحقة لتأمين السيارات || المجلد (4)