الحكم المترتبة على الصلاة مع الجماعة

إن الصلاة مع الجماعة يترتب عليها حكم عديدة، ومصالح مفيدة، أهمها الخروج من عهدة من قال بوجوبها، كما أنه الراجح بالأدلة الواضحة. ومنها حصول الفضل المترتب على فعلها مع الجماعة. ومنها تنشيط الأجسام والقلوب على الاجتماع لها حيث إن بعض الناس ينشّط البعض على فعلها، وملاقاة الرجال فيه تقوية لأجسامهم وتلقيح لأفهامهم. ومنها التمرن على استمرار فعلها مع الجماعة حتى تكون محبتها ملكة راسخة في قلب أحدهم تحببه إلى ربه وتقربه من خلقه وتصلح له أمر دنياه وآخرته، حتى تكون في نفسه لذة وسرورًا، ومتى فاتته هذه الفريضة مع الجماعة علم أنه قد خسر شيئًا كبيرًا من الفضيلة والأجر. ومنها أن التهاون في فعلها مع الجماعة مدعاة إلى التهاون بها ثم إلى تركها. ومنها حصول الفضل المترتب على التخطي إليها حيث يكتب له بكل خطوة حسنة ويُمحى عنه بكل خطوة سيئة. ومنها حصول التعارف والتآلف بين المسلمين المصلين بحيث يلقى الرجل أخاه في صلاة الجماعة كل يوم خمس مرات فينجذب قلبه لمحبته والعطف عليه، فيسلم عليه إذا لقيه، ويسأل عنه إذا افتقده، ويعوده في مرضه، وقد قيل: إن الحكمة في مشروعية صلاة الجماعة هو حصول التعارف والتآلف بين المسلمين المصلين وإزالة الإِحن والشحناء عنهم؛ لأن التقارب بالأبدان مدعاة إلى التقارب بين القلوب، والتباعد بالأبدان مدعاة إلى التنافر بين القلوب، على حد ما قيل: وإن تدنُ مني تدنُ منك مودتي وإن تنأَ عني تلفني عنك نائيا ولأجله قال ﷺ: «من صلى الفجر في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة كان في ذمة الله حتى يصبح»، ولأن هذين الوقتين هما أثقل صلاة على المنافقين، وقال: «من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام الليل كله» رواه مسلم من حديث عثمان بن عفان. والحاصل أن الصلاة مع الجماعة هي من لذائد الحياة مَنْ ذاق منها عرف، ومن حُرم انحرف، كما قال النبي ﷺ: «وجعلت قرة عيني في الصلاة».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - رسالة إلى المسؤولين عن التعليم بشأن الإخلاص في العمل / " الصـلاة جماعـة " - المجلد (3)