ابن عباس في زمانه لا يستطيع أن يخالف رأي عمر

قد حكى شيخ الإسلام عن الإمام أحمد أنه كان يفتي بلزوم الثلاث في بداية عمره، ثم رَجع عن رأيه، وقال: تدبّرت الكتاب والسنة فرأيت أن الطلاق الشرعي هو الرجعي، فلا يقع بالثلاث جميعًا إلا واحدة. وأن ابن عباس في زمانه لا يستطيع أن يخالف رأي عمر، فأفتى السائل بما أنفذه عمر من بينونة زوجته، قال: يركب أحدكم الأحموقة فيطلق ثلاثًا، ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس! عصيت ربك وبانت منك امرأتك. والله سبحانه نصب العلماء كالنجوم يُهتدى بهم في ظلمات البر والبحر، فلو عذرنا من أفتى بذلك زمن عمر، فإن عمر رضي الله عنه قد مضى إلى رحمة الله تعالى، وعندنا كتاب الله وسنة رسوله فهما الحكم القسط يقطعان عن الناس النزاع، ويعيدان الخلاف إلى مواقع الإجماع. والناس في هذا الزمان وخاصة بعض العلماء وأكثر العوام، يرون أن الطلاق بالثلاث جميعًا مشروعة، فهم يسألون متى وقعوا في هذه الشبكة إلى من يخرجهم منها. فمن واجب العالم التقي والحاكم الشرعي أن يبين للناس ما نزل إليهم من شريعة ربهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / فتوى ابن عباس في وقوع الطلاق بالثلاث || المجلد (2)