إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وحنين وغيرها من ثغور الجهاد هي في حكم السفر
بعث (صلى الله عليه وسلم) البعوث إلى أطراف الحجاز ونجد لنشر دعوته، وانتظر بم يرجع المرسلون. وقد عزم على غزو هوازن فخرج إليهم في حنين، فهو في سفر مستمر كل مدة إقامته. ومثله يقال في غزوة تبوك، وأنه بعث بعض أصحابه إلى من حول تبوك يبلغهم رسالته، ويدعوهم إلى دين الإسلام، فأقام في انتظار رسله عشرين يومًا يقصر الصلاة، ولم يحلل عنه حزام السفر، والخيل قائمة على سوقها، والرواحل معقولة، والناس باقون في شعثاء السفر ومشقته، يشتغلون بعلف رواحلهم وسقيها ورعايتها. وما إقامته هذه إلا بمثابة إقامته في البر لانتظار رفيق يلحق به، أو ضالة ينتظر ردها، أو تمريض صاحب. فهم لم يخرجوا بإقامتهم هذه عن حكم السفر. ويقاس عليهم ما هو مثلهم في العذر، لا ما هو بعيد عن مشابهتهم.