الرمي بعد الزوال هو الأفضل ولكنه غير واجب

ونحن بكلامنا لم نتجاوز حكمًا يوجب التحديد بما ذكر حتى نستوجب توجيه الملام على مخالفته، وهب أنهم وجدوا دخول وقت الرمي بالزوال استنادًا واستدلالاً بمفهوم الفعل، فمن أين يجدون انتهاءه بالغروب، وأن الليل لا يجوز فيه رمي، كما لا يصح فيه صوم؟ وعندي أنه لما كان ما بعد الزوال هو أفضل وقت يرمي فيه الحاج، تأسيًا بفعل النبي ﷺ صار الناس يتبعون الأفضلية في هذا الوقت، حيث لا ضرب ولا طرد، ولا يقال للرامي: إليك إليك. فتبع الناس بعضهم بعضًا على هذا العمل التماسًا للأفضل، فظن عامة الناس أنه فرض محتم؛ لأن الناس غالبًا يألفون ما يعرفون ويأنفون مما لا يألفون. ومن عادة الحجاج في سائر السنين أنهم يتبعون أمير الحج في سائر فعل مناسك الحج، فيرمون برميه، وسبب استمرارهم على فعله أنهم ظنوا أن الرمي في خاصة هذا الوقت واجب محتم عليهم. وقد قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في بيان غربة العلم، وأن الناس أعداء لما جهلوا منه، قال: وأنا أضرب لك مثلاً بالجمار بالأحجار، وأنه يكفي عن الاستنجاء بالماء على مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء، فلو فعله أحد أو أفتى بالاقتصار على الأحجار لنسبوه إلى عدم المعرفة والاستخفاف بالشريعة... انتهى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرسالة الموجهة إلى علماء الرياض / إلى حضرة علماء الرياض الكرام، حفظهم الله بالإسلام - المجلد (2)