الذين يرمون جمرة العقبة بالليل وهم أصحاء قد خالفوا السنة
(إن) هؤلاء الذين يدفعون من مزدلفة بالليل ويرمون جمرة العقبة بالليل وهم أصحاء أقوياء قد خالفوا في سُنَّتين صحيحتين من سنن الحج:
إحداهما: دفعهم بالليل وهو خلاف عمل رسول الله ﷺ وعمل خلفائه وأصحابه، كما أنه خلاف نص القرآن في قوله: ﴿لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡۚ فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ وَٱذۡكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمۡ وَإِن كُنتُم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ ١٩٨ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٩٩﴾ [البقرة: 198-199]. والناس هم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، وإنما أفاضوا من مزدلفة بعدما صلوا الصبح بغَلَس، ثم وقفوا يذكرون الله ويستغفرونه ويدعونه، ثم دفعوا إلى منى بعدما أسفروا جدًّا.
والمخالفة الثانية: رميهم جمرة العقبة بالليل، وقد نهى رسول الله ﷺ عن ذلك بصيغة الزجر، وقال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس».
والمخالفة الثالثة: طوافهم للإفاضة الذي هو ركن الحج بالليل من ليلة العيد، وإنما طاف رسول الله وأصحابه ضحى يوم العيد، فتساهلوا فيما ينبغي الاحتياط فيه وشددوا فيما ينبغي التساهل فيه، فإن رمي أيام التشريق يقع بعد التحلل الثاني من عمل الحج فناسب التسهيل فيه وعدم التشديد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)