تحديد الرمي بما بين الزوال إلى الغروب لا دليل على الأمر به
(إنه) بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والمسانيد والتفاسير لم نجد عن النبي ﷺ حديثًا صحيحًا ولا حسنًا ولا ضعيفًا، يأمر فيه بتحديد الرمي بما بين الزوال إلى الغروب حتى نلتزم العمل به طاعة لله ورسوله، ومع عدمه فإنه لا يجوز لنا أن نسمي ما قبل الزوال وقت نهي بدون أن ينهى عنه رسول الله ﷺ.
وغاية الأمر أنه مسكوت عنه رحمة منه بالناس، كما في الحديث: أن النبي ﷺ قال: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها». والنبي ﷺ رمى الجمرة يوم العيد قبل الزوال، ثم رمى بقية أيام التشريق بعد الزوال، ففعْلُه في هذا وهذا هو مشروع منه بسعة وقته لأمته، تأجل العمل بالرمي به إلى وقت الحاجة إليه، فمن قال باختصاصه قبل الزوال بيوم العيد دون أيام التشريق استدلالاً واستنادًا منه إلى فعل النبي ﷺ لزمه أن يقول بوجوب طواف الإفاضة يوم العيد، كما فعل رسول الله ﷺ، ولزمه أن يقول بوجوب الحلق يوم العيد ضحى، ووجوب النحر يوم العيد ضحى، كما فعل رسول الله ولم يقل بذلك أحد، بل جعله العلماء موسعًا يفعل في أي ساعة من أيام التشريق ليلاً ونهارًا، وكذلك الرمي إذ هو نظيرها في الحكم والوجوب، إذ ليس عندنا أن رميها فيما بين الزوال إلى الغروب كان على المؤمنين كتابًا موقوتًا، كيف والنبي ﷺ خطب الناس يوم العيد وخطبهم في أوسط أيام التشريق، وجعل الناس يسألونه فما سئل عن شيء من التقديم والتأخير إلا قال: «افعل ولا حرج». وهذا النص قاطع للنزاع ودافع للخلاف إلى مواقع الإجماع.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)