تحديد زمن الرمي بما بين الزوال إلى الغروب لا أصل له في الشرع
من شرط صحة الرمي العلم بحصول الجمار في المرمى، كما نص على ذلك الفقهاء، وليس كذلك الزحام في الطواف، فإن الناس يسيرون فيه ولا يقفون، وكل المسجد الحرام مجال للطواف وليس الطواف محصورًا بوقت دون وقت، بخلاف رمي الجمار، فإن الجمع كثير وحوض المرمى صغير، وزمن الرمي قصير، وكل واحد يقف حتى يتمم رمي جماره واحدة بعد أخرى.
فهذا العمل بهذه الصفة قد أفضى بالناس إلى الحرج والضيق، لكون هذا الوقت القصير لا يسع أداء واجب الخلق الكثير.
ثم إن هذا التحديد بما بين الزوال إلى الغروب ليس له أصل لا من الكتاب ولا من السنة ولا القياس ولا الإجماع، فلا تجوز نسبة القول به إلى الشرع أو إلى الدين، مع عدم ما يدل على صحته، وصار الحكم بالإلزام به مستلزمًا للعجز عنه، إذ هو من تكليف ما لا يستطاع، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286].
وفي الحديث أن النبي ﷺ قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» فلا يقول بالإلزام به في مثل هذا الزمان إلا من يحاول حطمة الناس وعدم رحمتهم:
إذا شئتَ أن تُعصى وإن كنت قادرًا
فَمُرْ بالذي لا يُستطاع من الأمر
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / المقدمة - المجلد (2)